أحداث 11 سبتمبر
أحداث 11 سبتمبر


20 عاما على 11 سبتمبر.. أمريكا خائفة من شىء ما

بوابة أخبار اليوم

السبت، 11 سبتمبر 2021 - 01:02 م

كتب: خالد حمزة


فى عام 1813 تم إطلاق اسم بلاد العم سام على أمريكا، والاسم ارتبط بمواطن من نيويورك كان يعمل فى تعبئة اللحوم وهو صامويل ويلسون، اشتهر بإمداد الجيش الأمريكى بلحوم الأبقار خلال حرب 1812 ضد بريطانيا، وكان ويلسون يمد الجيش بلحوم الأبقار فى براميل عليها ملصق كتب عليه "من أجل الولايات المتحدة"، لكن جنود الجيش بدأوا حينها يطلقون اسمه على هذه البراميل، ونشرت الصحف المحلية قصة العم سام ومساهمته فى إمداد الجيش بالمؤن الغذائية، وسرعان ما أطلق هذا الاسم على الحكومة الفيدرالية، وتوفى الرجل عام 1854 عن عمر 88 عاما ودفن فى بلدة تروى قرب نيويورك، وهى البلدة التى أطلق عليها اسم موطن العم سام.

 

وفى أواخر 1870 بدأ رسام الكاريكاتير توماس ناست فى الترويج لشخصية العم سام ونشر العديد من الصور له فى صورة رجل له لحية بيضاء ويرتدى سترة عليها العلم الأمريكى، وتم استغلال الصورة فى الحرب العالمية الأولى ونشرت ملصقات فى شوارع أمريكا للشخصية وكتب عليها عبارة أريدك للالتحاق بالجيش الأمريكى لحث الشباب على التطوع للقتال، وفى سبتمبر عام 1961 اعتبر الكونجرس الأمريكى صامويل ويلسون رمزا قوميا أمريكيا للعم سام، الذى قوى شوكة أمريكا بل إنها صارت القوة الأوحد فى العالم إلى أن جاءت أحداث 11 سبتمبر 2011 لتقلب الأمور رأسا على عقب.

 

رغم مرور 20 عاما على أحداث سبتمبر لم يتوقف الإرهاب، بل زاد توحشا وعنفا، ولم تتنشر قيم الحرية والديمقراطية حول العالم كما ذهب مروجو الحلم الأمريكى داخل البيت الأبيض، 20 عاما زادت من عزلة أمريكا، وهزت من هيبتها وأضعفت شوكتها حول العالم، مقابل بروز قوى دولية جديدة فى الشرق والغرب، كادت أو نجحت فى تحطيم خرافة الحلم الأمريكى، وازادد الخوف أكثر مع الانسحاب الأمريكى من أفغانستان، وهو ما عبر عنه صراحة السيناتور الجمهورى ليندسى جراهام بقوله إن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، زاد من احتمال وقوع هجمات إرهابية جديدة داخل أمريكا.

 

وقال فى مقابلة مع قناة سى بى إس الأمريكية: "لقد ازداد احتمال وقوع 11 سبتمبر مرة أخرى، ولن تؤدى هجمات الطائرات بدون طيار إلى تدمير داعش، لقد تضاعف عدد مقاتلى التنظيم، لقد أدرنا ظهورنا لحلفائنا ومهدنا الأرض  لـ11 سبتمبر آخر"، مُضيفًا أن الحرب الأمريكية فى أفغانستان لم تنته بعد، وأدت تصرفات الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى تأثير عكسى تماما، وخلال العشرين عاما المقبلة، سيعمل البيت الأبيض على حل المشاكل الناتجة عن الكارثة فى أفغانستان.

 

 

شاهد أيضا| 

بينما اعتبر وزير الدفاع البريطانى بن والاس أن الخروج من أفغانستان، أظهر حدود القوة البريطانية على المسرح العالمي، ومن الواضح أن بريطانيا ليست قوة عظمى، كما أن القوة العظمى غير المستعدة للالتزام بشىء ما، قد لا تكون هى على الأرجح قوة عظمى أيضا، إنها مجرد قوة كبيرة، فى إشارة إلى أمريكا الآن.

 

لكن هل أصبح العم سام بعد إخفاقاته المتتالية، رجل العالم المريض؟
الشواهد التى نراها الآن فى المنطقة على الأقل، تقول إن أمريكا فى حالة تقوقع وتراجع فى عده نواحٍ، منها العسكرية والسياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، فقد انعزلت على نفسها، وأصبحت تتحدث وتنظر وتهدد أكثر مما تفعل، وهو ما أثر على هيبتها، وقامت إيران وحزب الله بتحديها فى العراق ولبنان وسوريا واليمن، وقامت روسيا بإنزال قواتها فى سوريا تحت أعين وأنظار أمريكا، وباتت الأطراف الإقليمية فى الشرق الأوسط، تشعر بأن الولايات المتحدة فى حالة من التراجع من أفغانستان إلى الصومال مرورا بالعراق والسودان وفلسطين ولبنان، ومع نمو القوة البشرية والعسكرية والاقتصادية والتكنولوجية فى مناطق مختلفة من العالم، سيزداد عدد القوى الفاعلة والمؤثرة فى النظام العالمى، وسيشجع على ذلك إخفاقات السياسة الخارجية الأمريكية.

 

وبالفعل، بدأ طموح مراكز قوى دولية جديدة فى الظهور، وتعد الصين وروسيا والهند واليابان وأوروبا، هى المؤهلة لقيادة التحول لنظام عالمى جديد، ولعل كشف نقاط ضعف الهيمنة الأمريكية فى العراق وأفغانستان، قد يشجع تلك القوى على استغلال الإفلاس السياسى والعسكرى والمعنوى لأمريكا، وكانت مرحلة جورج الابن، قد شهدت إطلاق حملة الحرب على الإرهاب، والتى شملت حرب أفغانستان عام 2001 وحرب العراق عام 2003 والتى أطاحت بصدام حسين، وسلمت  العراق على طبق من فضة لإيران.

 

وبدأ بعدها التراجع الأمريكى عالمياً، وبدأ التوسع الإيرانى فى الظهور مع مجيء إدارة أوباما 2009- 2017، والذى كرّس الدور الإيرانى المخرّب فى المنطقة، ودعم التنظيمات المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين، وكان من مظاهر هذا الدعم الأمريكى الأحداث التى شهدتها بعض الدول العربية أو الربيع العربى بدعم ومباركة من باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون، إضافة للفوضى الخلاقة التى تبنتها إدارته، وأدت إلى مقتل وتشريد الملايين فى العراق وسوريا واليمن، وهذا ما جعل الدور الأمريكى يفقد مصداقيته ودوره الفعال، كقطب يسعى للحفاظ على الأمن ويروج لقيم الحرية والديمقراطية، إلا أن فترة ترامب، كانت الشعرة التى قصمت ظهر البعير،  حيث كانت 4 سنوات قضاها دونالد ترامب فى الحكم، كاشفة لما غطاه الرماد لأكثر من قرنين من الزمان، من شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات، وشهد العالم المواطن الأسود يُسحل عنصرياً على الأرض، والإعلام يتم إسكاته، والمسلم يتم منعه من دخول أمريكا، والمهاجرون والأفارقة والملونون تمارس ضدهم سياسات عنصرية وغير إنسانية، ولأول مرة، شاهد العالم الأمريكيين يقتحمون مبنى الكونجرس، ويدمرون محتوياته، وهو ما نجح ترامب فى إزالة النقاب عنه مما نجح سابقيه فى إبقائه تحت الرماد.

 

ومع مجيء إدارة بايدن الديمقراطية، كان واضحاً من حملته الانتخابية أنها انتخابات ضد إدارة ترامب ومما تبناه من سياسات، فلم يكن من أهداف بايدن بناء أمريكا داخليا وخارجياً بقدر الانسحاب عما بناه ترامب، حتى لو كان يمس سمعة وسيادة وهيبة أمريكا، فرأينا بايدن يهرول لإيران نكاية فى ترامب وينسحب من أفغانستان ويترك العراق لميليشيات إيران ويشطب ميليشيا الحوثى من قائمة الإرهاب ويعترف بها حكومة واقع، ويسلم أفغانستان لطالبان لتبدأ عملية انتقامية لا أحد يرى نهاية لها للشعب الأفغانى.

 

هذه السياسة المتخبطة لإدارة بايدن، تؤكد أن الدور الأمريكى على الصعيد العالمى أخذ فى التراجع والأفول، لصالح القطب الشرقى القوى وهو الصين، التى تزداد قوتها على الصعيد الاقتصادى والعسكرى مع حليفتها روسيا، وهذا من شأنه أن يعزز النفوذ الإيرانى فى المنطقة حيث تحظى إيران بعلاقات وطيدة مع روسيا والصين، وزيادة مخاطر التهديدات الإيرانية عبر أذرعها فى العراق وسوريا ولبنان واليمن فى ظل الانكفاء الأمريكى، وكل ما بذلته أمريكا للحفاظ على هيبتها وتقوية شوكتها حول العالم، ذهب أدراج الرياح رغم ما تكبدته من أموال طائلة، فقد قال باحثون من جامعة براون الأمريكية إن الحكومة الأمريكية، وبعد انتهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى أفغانستان، ستواصل تحمل بعض التكاليف المالية الناتجة عن الحروب التى تلت هجمات 11 سبتمبر.

 

وبحسب تقرير فتصل تكلفة الحرب فى أفغانستان نحو 2.3 تريليون دولار حتى الآن، و الرقم لا يشمل الجسر الجوى الضخم لإجلاء 123 ألف شخص من أفغانستان، وقدر الباحثون فى الجامعة أن الولايات المتحدة أنفقت 5.8 تريليون دولار على الحرب فى أفغانستان والصراعات الأخرى الناتجة عن هجمات 11 سبتمبر 2001. 

 

وكشف التقرير أن الصراعات فى العراق وسوريا، كلفت الولايات المتحدة 2 تريليون دولار، وبلغت تكلفة عمليات مكافحة الإرهاب فى أماكن مثل الصومال وأفريقيا نحو 355 مليار دولار، ورغم انتهاء الوجود الأمريكى فى أفغانستان، فستستمر بعض التكاليف مثل الرعاية الطبية المستمرة للمحاربين القدامى، فالاعتناء بهم كلف أمريكا 456 مليار دولار حتى الآن، وسيكلفها 2.2 تريليون دولار حتى عام 2050.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة